بات الإنترنت جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية للبشر، فهذه الشبكة المفتوحة أصبحت تضم مليارات الأشخاص في العالم، منهم نسبة كبيرة من الأطفال الذين يقول خبراء إنهم يتعرضون لمخاطر جمة من قبل من يوصفون بـ”وحوش الإنترنت”.
ويشهد الإنترنت يومياً انضمام نحو 175 ألف طفل يستخدمون الشبكة للمرة الأولى، أي بمعدل طفلين جديدين كل ثانية، وذلك بحسب تقرير لليونيسف.
ويشكل هؤلاء الأطفال الفئة الأكثر ضعفاً على شبكة الإنترنت، نظراً لعدم خبرتهم، بالإضافة إلى كونهم الهدف الأسهل لما يعرف بـ “وحوش الإنترنت”، مما يعرضهم للعديد من الأضرار النفسية.
ويقول خبير الطفولة والأسرة في جامعة الدول العربية، الدكتور إيلي مخايل، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” إن الانترنت أصبح النمط اليومي للأطفال والمراهقين، إذ تظهر الإحصاءات أن نحو 33% من مستخدمي الإنترنت في العالم هم من الأطفال.
وبحسب مخايل، فإنه بالرغم من أهمية الإنترنت وتحولها لوسيلة تربوية خلال فترة انتشار جائحة كورونا، إلا أن الشبكة تتيح في الوقت عينه للأطفال الوصول إلى محتويات مؤذية قد تعرضهم للاستغلال الجنسي والتنمّر الإلكتروني، بالإضافة إلى إساءة استخدام معلوماتهم الشخصية.
عملية مشتركة
ولذلك، فإن حماية الأطفال من تحديات الإنترنت، هي عملية مشتركة بين التدابير الرقابية من قبل الأهل والضوابط القانونية التي تضعها السلطات في كل بلد، عبر حظر المواقع ذات المحتوى المؤذي، وإقرار تشريعات تُعظِّم عقاب من يخترق حياة الأطفال.
من جهته، يقول الإعلامي، كريستيان أوسي، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن الأطفال هم العنصر “الأقل مناعة” والجاذب الكبير لـ “وحوش الإنترنت”، وبالتالي فإنه على الأهل تحمّل مسؤوليتهم والإشراف مباشرة على كيفية تعاطي أطفالهم مع الانترنت، وذلك عبر تفعيل “أدوات الرقابة الأبوية” التي توفرها الأجهزة الإلكترونية وأنظمة التشغيل المختلفة.
ووفقاً لأوسي وهو مستشار رئيس جامعة LAU، فإن هناك أدوات وبرامج تقنية عديدة تتيح القدرة على الإشراف على المحتوى الذي يمكن للأطفال الولوج اليه على الإنترنت، حتى لو كان الأهل خارج المنزل.
وأشار إلى أن “وحوش الإنترنت” هم أشخاص ومؤسسات مجهولون وخبثاء، ينتشرون في العالم الافتراضي وينشرون سمومهم هناك، بهدف التلاعب بعواطف الاطفال وإيقاعهم ضحية الأمراض والمشاكل النفسية التي يعانون منها.
يصل الأمر حد تشوه الشخصية
من جهته، يوضح جمال حافظ، وهو أستاذ جامعي في الطب النفسي، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن الأثر النفسي للتحديات التي يواجهها الطفل على الانترنت، تختلف مع اختلاف درجة تكرارها، فكلما ازادت هذه التحديات ازداد معها التشوه الذي قد تخلقه في شخصية الطفل.
وبحسب حافظ، فإن “أشرار الإنترنت” و”المحتوى الضار على الشبكة” من أبرز العناصر التي يمكن أن تخلق تحدياً لعقل الطفل، وتدفعه للاستجابة لما يطلب منه عبر الإنترنت، إذ يتم نصب أفخاخ تكون بمستوى تفكير الطفل لحثه على الانخراط في أمور “سيئة” تتسبب له بأضرار نفسية، تؤثر على نموه وعلى طريقة تفكيره وتعاطيه مع المجتمع.
ومن الأضرار النفسية التي قد يتعرض لها الطفل، الشعور الدائم بالقلق، اللجوء الى العزلة، التصرف بعنف مع الآخرين، التأخر الدراسي، فقدان الشهية، عدم القدرة على النوم.
ويرى الدكتور حافظ أن الرقابة الصارمة من الأهل وتوعية وتثقيف أطفالهم حول كيفية استخدام الإنترنت تمثل “حائط الحماية الأول” الذي يمنع وقوعهم فريسة “التطويع الذهني” الذي يسببه أشرار الإنترنت والمحتوى الضار.