ذكر تقرير لوكالة “رويترز” الاخبارية ان العراق استقطب نحو 2.5 مليون سائح خلال الفترة الماضية بينهم العديد من الاوروبيين والامريكيين، دفعهم الى ذلك التراث التاريخي الغني، وذلك برغم تحذيرات السفر الغربية والاستقرار الذي وصفه التقرير بأنه “هش” في البلد.
وتناول تقرير “رويترز”، تجربة الأمريكي يعقوب نيمك (28 سنة) الذي تلقى توسلات من وادلته وجدته حتى لا يذهب إلى العراق، بعد علمت العائلة بمخططه لزيارة البلد لقاء عطلة، موضحا أن نيمك وهو من مدينة رينو في ولاية نيفادا الأمريكية، قال إنه تلقى رسالة نصية من جدته للمرة الاولى منذ 5 سنوات تقول له فيها “باعتباري جدتك عليك أن تحترمني، سأكون ممتنة إذا لم تذهب”، في حين أنه تلقى اتصالا آخر من والدته وهي تبكي متوسلة إليه الا يهذب، لكن نيمك، رغم تفهمه لمخاوف عائلته، قرر الذهاب الى العراق بكل الاحوال.
وبعدما ذكّر التقرير بالاضطرابات التي شهدها العراق بلا توقف منذ عقود، منذ حرب العراق وإيران خلال الثمانينيات وصولا الى الصراع مع تنظيم داعش الارهابي، قال ان البلد يشهد تحسنا تدريجيا منذ هزيمة الارهاب في العام 2017، ونشاط حركة إعادة الإعمار، حيث يشعر بإحساس متزايد بالحياة الطبيعية.
ولفت التقرير إلى أن عددا صغيرا، ولكنه متزايد من السياح، يأتون الى العراق لمشاهدة مناطق الجذب التي تشمل البيئة الصحراوية والاهوار الشاسعة وصولا الى أطلال المدن والإمبراطوريات الاكثر قدما في العالم، مضيفا أن العديد منهم أتوا من دول الخليج المجاورة، وان عددا متزايدا من السياح المغامرين من أوروبا والولايات المتحدة، يتدفقون ايضا في تحد للتحذيرات من السفر إلى العراق.
ورأى التقرير أن تزايد السياحة في العراق يتزامن مع جهود الحكومة من اجل اظهار ان البلد آمن ومنفتح امام الشركات الاجنبية والزوار، فيما يتطلع إلى تنويع اقتصاده المعتمد على النفط.
ونقل التقرير عن وزير السياحة أحمد فكاك البدراني قوله إن العمل قائم من أجل بناء فنادق جديدة لمواكبة الطلب المتزايد وتجديد المواقع السياحية والمباني التراثية.
وأوضح الوزير العراقي أن صورة العراق في الغرب كساحة للصراع، ستتبدل تدريجيا مع مجيء المزيد من الزوار، مضيفا أن “السياح هم بمثابة رسل يخبرون هذه الدول أن العراق عاد كبلد آمن وليس خطا احمر كما يصوره البعض”.
وتابع قائلا “ربما تحتاج المسألة الى بعض الوقت ولكن ليس طويلا”.
الا ان التقرير قال ان الحكومات الاجنبية غير مقتنعة حتى الان، موضحا ان الولايات المتحدة والدول الأوروبية ما تزال تحذر من السفر الى العراق بسبب المخاوف الأمنية، حيث يقول موقع وزارة الخارجية الأمريكية على الانترنت: “لا تسافروا الى العراق بسبب الإرهاب والخطف والصراع المسلح والاضطرابات المدنية”.
كما تنصح الوزراء الأمريكيين الساعين للسفر الى العراق على كتابة وصيتهم وإجراء ترتيبات الجنازة مع عائلاتهم إذا اختاروا الذهاب الى هناك.
وأشار التقرير الى ان الغربيين تحولوا الى هدف رئيسي لعمليات الخطف والقتل فيما بعد الغزو الأمريكي، بما في ذلك من قبل الجماعات المتطرفة مثل القاعدة وداعش، والميليشيات المتشددة المقربة من ايران، وجميعهم ينظرون الى الولايات المتحدة على أنها دولة محتلة.
وتابع التقرير أنه رغم مقتل أمريكي في وسط بغداد في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ما أدى إلى توتر بين أفراد الجالية الغربية في المدينة، إلا أن هذا لم يمنع الناس من المجيء ، على الرغم من عدم وضوح عدد الذين زاروا العراق، حيث لم يذكر وزير السياحة ارقام الوافدين.
لكن اللواء عبد الكريم السوداني، وهو المستشار الأمني لرئيس الوزراء العراق، قال لرويترز، إن ما يزيد قليلا عن 2.5 مليون أجنبي زاروا العراق في فترة الستة أشهر بين 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 و15 مايو/أيار 2023، بينهم 312 ألف زائر من العالم العربي.
إلا أن التقرير اعتبر أن قطاع السياحة لا يزال متخلفا بشكل كبير، حيث أن عددا قليلا من الآثار القديمة المنتشرة في العراق، تتوفر فيها إرشادات تصف اهميتها، او يتوفر فيها مرشدون سياحيون، كما ان مطار بغداد الدولي، لا يملك موقعه الخاص على شبكة الانترنت، فيما توجه خانة البحث على الإنترنت في أعلاها المتصفحين إلى صفحة تحذرهم بالقول “لا نوصي بزيارة البلد (انه احد اخطر الاماكن على وجه الأرض)”.
لكن التقرير قال إن العديد من العراقيين يحاولون تعويض هذه النواقص وإظهار الجانب الآخر من بلدهم، ومن بينهم مدون الرحلات “علي هلال” الذي علق في العراق بعدما كان قادما من كندا حيث يقيم، بسبب جائحة كورونا، فقرر التجول في كافة انحاء العراق من اجل تصوير القصور القديمة الجميلة والجبال الخضراء في مقاطع فيديو ونشرها على الانترنت لتعميمها.
ونقل التقرير عن هلال قوله إنه “بالتأكيد لدينا مشاكل سياسية واجتماعية وبيئية لا حصر لها، إلا أن هناك جانبا ربما نكون قد نسيناه، وهذا هو الجانب الذي أحاول رؤيته وأن أجعل الناس يشاهدونه معي”.