أكدت المحكمة الاتحادية العليا (أعلى سلطة قضائية في العراق)، أنها استندت بالحكم بعدم دستورية قانون التصديق على اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله إلى لأحكام المادة (61/ رابعاً) من دستور جمهورية العراق الدائم.
وقالت المحكمة الاتحادية في بيان ، إن المحكمة الاتحادية العليا تستند في الحكم بعدم دستورية القانون رقم (42) لسنة 2013 قانون تصديق الاتفاقية بين حكومة جمهورية العراق وحكومة دولة الكويت بشأن تنظيم الملاحة في خور عبد الله الى أحكام المادة (61/ رابعاً) من دستور جمهورية العراق للعام 2005 إذ لا يمكن إعمال نصاً قانونياً مخالفاً للدستور رغم سريان ذلك النص لتعطل آليات تطبيقه.
وأوضح البيان أن، مجلس قيادة الثورة (المنحل) المختص بالمصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية وفقاً للقانون رقم (111) لسنة 1979 قانون عقد المعاهدات الذي كان نافذاً وقت تشريع قانون تصديق الاتفاقية المذكورة آنفاً لم يعد له وجود كما أن نوع نظام الحكم ومؤسساته وصلاحيات تلك المؤسسات وآلية ممارسة تلك الصلاحيات اختلفت بشكل كامل وأصبح كل ذلك مؤسس وفقاً لدستور جمهورية العراق.
وأكدت المحكمة الاتحادية في بيانها أنه لا يجوز تعطيل أحكام الدستور مقابل تشريع محلي مخالف له نافذ قبل تشريع الدستور بل يصبح التشريع المحلي مخالف للدستور والتشريعات الأخرى المترتبة عليه معرضة للحكم بعدم دستوريتها متى ما تم الطعن بها.
وقضت المحكمة الاتحادية العليا، في مطلع شهر أيلول الجاري، بعدم دستورية قانون تصديق اتفاقية الملاحة البحرية في خور عبدالله مع الكويت.
وقال إعلام المحكمة الاتحادية العليا، في بيان ، إن المحكمة قررت الحكم بعدم دستورية قانون تصديق الاتفاقية بين حكومة جمهورية العراق وحكومة دولة الكويت بشأن تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله رقم (42) لسنة 2013 .
وأضاف إن “المحكمة أصدرت قرارها لمخالفة احكام المادة ( 61 / رابعاً ) من دستور جمهورية العراق التي نصت على ( تنظم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية بقانون يُسَّن بأغلبية ثلثي اعضاء مجلس النواب”.
و اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله هي اتفاقية دولية حدوديّة بين العراق والكويت، صودق عليها في بغداد في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 تنفيذًا للقرار رقم 833 الذي أصدره مجلس الأمن سنة 1993 بعد عدة قرارات تلت الغزو العراقي للكويت سنة 1990، واستكمالاً لإجراءات ترسيم الحدود بين البلدين، ووضع تحديد دقيق لإحداثياتها على أساس الاتفاق المُبرم بين البلدين بعد استقلال الكويت سنة 1961.
وأدت هذه الاتفاقية إلى تقسيم خور عبد الله بين البلدين، والواقع في أقصى شمال الخليج العربي بين شبه جزيرة الفاو العراقية وكل من جزيرتيّ بوبيان ووربة الكويتيتين، حيث قُسم الممر الملاحي الموجود بنقطة التقاء القناة الملاحية في خور عبد الله بالحدود الدولية، ما بين النقطة البحرية الحدودية رقم 156 ورقم 157 باتجاه الجنوب إلى النقطة 162 ومن ثم إلى بداية مدخل القناة الملاحية عند مدخل خور عبد الله. كما أدت إلى إنشاء موانئ جديدة.
واثارت هذه الاتفاقية جدلاً كبيرًا في العراق، حيث رأى فريق من السياسيين العراقيين أن رئيس الوزراء العراقي آنذاك نوري المالكي والبرلمان العراقي قد تنازلا عن جزء من خور عبد الله، وهو الممر الملاحي الوحيد المؤدي إلى معظم الموانئ العراقية، وأن التقسيم جاء بالتنصيف، وليس بناءاً على خط التالوك، أي أعمق ممر يُسمح للملاحة البحرية فيه. بينما دافع الفريق الآخر عن الاتفاقية كونها استكمالاً لترسيم الحدود بناءً على قرار دولي، أدى على أرض الواقع إلى إنشاء ميناء مبارك الكبير على الشاطئ الغربي لخور عبد الله في جزيرة بوبيان الكويتية، والذي من المُفترض أن يُربط بسكة حديد مع العراق مُستقبلاً، حيث أنه سيكون أحد أكبر موانئ الخليج بقدرته الاستيعابية.
يُشار إلى أن مشروع ميناء مبارك الكويتي نفسه قد أثار جدلاً أيضًا، بسبب اختيار الحكومة الكويتية موقعه على الضفة الغربية لخور عبد الله في جزيرة بوبيان، الممر الملاحي المؤدي إلى الموانئ العراقية، حيث ظهرت أصوات في العراق تنادي بنقل هذا الميناء إلى الشاطئ الجنوبي للجزيرة المطل على الخليج، بدلاً عن الموقع الحالي، تلافيًا إلى حدوث أي ازدحامات مستقبلية للسفن في هذا الممر الملاحي بعد اكتمال مراحل بناء المشروع الأربعة.
و نفت الحكومة الكويتية استيلائها على أي أراضٍ عراقية بسبب هذه الاتفاقية، وأكدت على أن الكويت ملتزمة بحدودها البحرية مع العراق.