حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي، يشهدها العالم وسط ظروف أكثر اعتدالاً طغت عليها مجموعة مخاطر جيوسياسية، وفق ما أفرزته الجلسة النهائية لمنتدى دافوس الاقتصادي بنسخته الأخيرة.
ومع اختتام المنتدى الاقتصادي العالمي فعالياته، اتفقت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد وأقرانها على أن احتمالات تراجع معدل التضخم، وحدوث انتعاش للتجارة العالمية يشجع المستثمرين نوعاً ما رغم ظروف الحرب والنهج الشعبوي.
وجرى تكليف الجلسة المكونة من 6 أعضاء بتلخيص المزاج السائد في منتدى دافوس بعد مضي أسبوع من النقاشات، إذ يميل المشاركون إلى تبني توقعات عالمية شجاعة، ما يبرز احتمالية تفادي الوقوع في ركود حاد على الأرجح رغم تشديد السياسة النقدية بطريقة غير مسبوقة للسيطرة على معدلات التضخم.
وقوضت المخاوف الجيوسياسية هذا التفاؤل في بعض الأحيان، إذ تلوح في الأفق حروب في أوكرانيا والشرق الأوسط، وتوترات أزمة البحر الأحمر أيضاً، كما استقبل العديد من الحاضرين بقلق فوز دونالد ترامب بولاية آيوا الإثنين الماضي، ما وضعه على طريق ترشيحه للانتخابات الرئاسية المقبلة عن الحزب الجمهوري.
وأعربت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو إيوالا، عن أسفها، قائلة إنه “توجد شكوك كثيرة، بالطبع، حول كل الانتخابات التي نراها عبر أنحاء العالم كافة وما قد تتمخض عنه”.
واتفقت أوكونجو، مع وجهة نظر “لاغارد” حول أن العالم “ربما يتجه نحو استعادة وضعه الطبيعي”، لكن تلك العملية، في نفس الوقت بالتأكيد، “ليست الطبيعية كما كنا نعلمها”.
وجرى الاستدلال بصوة متكررة باحتمال فوز ترمب بالرئاسة الأميركية للمرة الثانية خلال حلقة نقاشية ترأستها فرانسين لاكوا من تلفزيون “بلومبرغ”. اتخذت “لاغارد” موقفاً متفائلاً، قائلة إن “أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم”، وحثت على الضغط من أجل تدعيم أوروبا بواسطة تأسيس “سوق موحدة حقيقية”، فيما كان وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر أكثر تحفظاً.
وجاءت الظروف المالية في الولايات المتحدة، من بين المخاوف التي كثيراً ما جرى التعبير عنها خلال أسبوع الفعاليات، ربما ألمح رئيس سنغافورة ثارمان شانموغاراتنام إلى ذلك عندما صرح بإن “أهم مجالات السياسات الاقتصادية العامة وأكثرها تجاهلاً هو الإصلاح المالي”.
وفي وقت سابق من أسبوع المنتدى، وصف المدير المالي لبنك “دويتشه بنك”، جيمس فون مولتكه، الوضع بأنه لحظة “مذهلة له” بسبب دهشته من صمود الاقتصادات والأسواق المالية، بينما كان الأستاذ بجامعة “هارفارد”، كين روغوف، قلقاً من أن “الوضع الجيوسياسي لم أشاهد له مثيلاً على مدى حياتي المهنية”.